
إجراءات أمان لقسم المواكب والشعائر الحسينية
بحزم شديد ومتابعة حثيثة يعكف الحاج كاظم صالح مهدي على إتمام مسؤولية حماية المشاركين في إحياء زيارة الأربعين التي تشهدها كربلاء المقدسة.
تلك الحماية التي ينشدها الحاج كاظم لا يمكن الاستهانة بها أبدًا نظرًا لخطورتها كما يرى، مبينًا، "ملايين الزوار معرّضون للخطر في حال التهاون في حمايتهم".
مؤكدًا، "عدم الالتزام بالوصايا والتوجيهات التي يصدرها قسم المواكب والشعائر الحسينية يُعدّ انتهاكا بالغا واستخفافا كبيرا بأمن الزائرين".
لافتًا، "هناك استجابة كبيرة من مسؤولي المواكب الحسينية في محافظة كربلاء المقدسة لتلك الوصايا والتوجيهات، ونحن نتابع عن كثب وندقق في التفاصيل لتحقيق أكبر نسبة من الأمان".
وتتمثل تلك الخطورة التي يسعى قسم المواكب والشعائر الحسينية التابع للعتبة العباسية المقدسة إلى درئها عن الزائرين في حالات التسمم التي قد تقع بسبب تلوث الأطعمة أو المشروبات التي تُقدم لهم عن طريق المواكب الحسينية التي تشارك في إحياء زيارة الأربعين.
وتعمل تلك المواكب في أثناء الزيارة الأربعينية وبعض الزيارات المليونية الأخرى على توفير الأطعمة والمشروبات مجانًا للمشاركين في إحياء المناسبات الدينية، وتنتشر على جميع الطرق والمناطق المؤدية إلى العتبات المقدسة في مدينة كربلاء.
وعن طبيعة الإجراءات التي ينفذها قسم المواكب والشعائر الحسينية يقول الحاج كاظم: "ألزمنا مسؤولي المواكب الخدمية بملء استمارة يومية يُذكر بها نوع الطعام أو المشروبات التي تقدمها، يعقب ذلك كشف ميداني للتأكد من نوع وسلامة المواد المستخدمة".
ويكمل، "كما نتفحص المواد الأولية المستخدمة بالطبخ والتأكد من تأريخ الإنتاج وانتهاء الصلاحية، والتأكد من استبعاد كثير من المواد الغذائية التي تتعرض للتلف سريعا".
ويذكر معاون رئيس قسم المواكب والشعائر الحسينية أنّ نتائج الإجراءات التي ينفذها القسم في السنتين الأخيرتين انخفضت بشكل كبير وملحوظ حالات التسمم الغذائي في زيارة العاشر والأربعين من محرم الحرام.
لافتًا، "هناك تعاون كبير من أصحاب المواكب في تطبيق هذه الإجراءات".
من جانبه يرى الحاج ناصر السلامي الحسيني كفيل موكب هيأة قمر بني هاشم في باب الخان أنّ سلامة الزوار أمانة شرعية وأخلاقية، متخذا إجراءات مشددة لضمان عدم تلوث الأطعمة التي يعدها الموكب للمشاركين في إحياء زيارة الأربعين.
ويبيّن الحسيني، "نستخدم المواد الغذائية الطازجة فقط، ونشتري اللحوم والخضراوات يوميًا دون تخزين طويل، ونمنع تمامًا تقديم الأطعمة سريعة التلف، كالألبان أو البيض خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة في الصيف".
مشيرًا، "فريق الطهي ملتزم بإجراءات النظافة الشخصية، مثل ارتداء الكفوف والقفازات وغطاء الراس، ويتم الطهي في بيئة نظيفة ومعقمة، كما يتم التخلص من الطعام المتبقي بعد مدة محددة، دون إعادة تسخينه أو تقديمة مره أخرى".
ويأمل كفيل موكب هيأة قمر بني هاشم أن تكون الإجراءات التي يتخذها رسالة إنسانية تجسد قيم المحبة والاهتمام ليكون الزائر في مأمن بدني وروحي، حسب قوله.
في السياق ذاته يشير الحاج محمد أبو قاسم أحد الإداريين في موكب الحيدرية إلى أنّ الحفاظ على صحة الزائر لا يتحقق فقط من نوايا الخدمة، بل يحتاج إلى وعي علمي والتزام دقيق بالإجراءات الوقائية وأنّ الموكب يعتمد أسلوبًا علميًا في إدارة ملف السلامة الغذائية.
ويقول: "خدمة الزائرين شرف لا يضاهيه شرف، لكنّ هذا الشرف يتحوّل إلى مسؤولية خطيرة إذا لم يرافقه وعي صحي وإداري، لذلك نحن ندير الجانب الغذائي في الموكب وكأننا في مطبخ مؤسسي ونعتمد على جداول زمنية في شراء المواد وفرق متخصصة في الطبخ والتنظيف ولكل شخص مهمه محددة يُحاسَب عليها".
مضيفًا، "ننجز كلّ خطوة بتأنّي، من استلام المواد إلى غسلها وطبخها في درجة حرارة مناسبة ثم تبريدها وتقديمها في فترة محددة من تحضيرها تجنبًا لتكاثر البكتيريا".
منوّهًا، "الموكب يخضع لزيارات دورية من الجهات الصحية في المحافظة، ومن قسم المواكب التابع إلى العتبة العباسية المقدسة، ونطلب المشورة منهم بشأن آليات السلامة وطرق التطوير".
وبادرت إدارة موكب الحيدرية إلى رفع لافتات إرشادية في أماكن الطبخ والتوزيع تُذكّر العاملين بضرورة غسل اليدين وتبديل القفازات وعدم التحدث أثناء إعداد الطعام، بالإضافة إلى تنظيم أوقات الراحة التي تتيح للمتطوعين والعاملين في الموكب الحفاظ على لياقتهم وعدم الوقوع في أخطاء ناتجة عن الإرهاق.
ويختتم الحاج محمد مشددا، "كلّ لقمة نقدّمها هي أمانة في أعناقنا، وأيّ تقصير في هذا الجانب لا يمكن تبريره بحسن النية، فالزائر حين يأكل من موادنا يضع ثقته فينا، وواجبنا أن نكون على قدر هذه الثقة بأعلى درجات الانضباط والحرص".
إلى ذلك يشيد السيد إيهاب صلاح الموسوي مدير الرقابة الصحية في كربلاء المقدسة بما يصفه بالدعوة المهمة من قبل العتبة العباسية المقدسة، مؤكدا، "تنسجم تمامًا مع جهودنا في التوعية والتثقيف الصحي".
ويقول: "التكامل بين الجهات الصحية والدينية والمجتمعية أمر بالغ الأهمية، نحن نؤكد دائمًا أنّ الوقاية مسؤولية مشتركة، والتزام أصحاب المواكب بالتعليمات الصحية يسهم بشكل مباشر في حماية ملايين الزائرين من الأمراض، خصوصًا التسمم الغذائي".
ويضيف، "هناك 55 فرقة صحية وفرق متابعة عملها متابعة ميدانية مستمرة على مدار الساعة، وتتوزع على المحاور كافة داخل المدينة وخارجها".
ويرى مدير الرقابة أنّ المتابعة ضرورية لأنّها تضمن الاستمرارية في الالتزام بالضوابط الصحية، خاصة أنّ عدد المواكب كبير ومتغير، كما أنّها تساعد في رصد الحالات المشكوك بها، وتمنع وقوع حالات تسمم غذائي عن طريق التدخل المبكّر والحاسم.
تضامن وتأييد
من جانبه يؤكّد الحاج جاسم العبودي الذي وفد من محافظة الناصرية سيرًا على الأقدام للمشاركة في إحياء زيارة الأربعين على اهتمامه الكبير بأن يكون الطعام الذي يتناوله من مصدر نظيف وآمن في أيام الزيارة المليونية.
مشيرًا، "هناك احتمالية في زيادة حالات التلوث بسبب الازدحام وكثرة المواكب".
ويضيف، "أقدّر جهد أصحاب المواكب لكنّ الصحة لا يمكن المجازفة بها، لذلك أحرص عادة على تناول الطعام من المواكب التي تبدو عليها علامات الاهتمام والرقابة سواء في الطبخ أو في طريقة تقديم الطعام".
ويكشف الزائر جاسم العبودي عن تعرضه إلى حالة تسمم خفيفة بعد تناول وجبة من أحد المواكب التي صادفها في الطريق.
مؤكّدا، "منذ تلك الحادثة أصبحت أكثر حذرا، وأتجنب المواكب التي تقدم الطعام في ظروف غير واضحة أو من دون التزام بالنظافة".
ويتابع، "ألاحظ تفاوتًا كبيرا بين أصحاب المواكب، بعضها يتعامل مع قضية النظافة بوعي ومسؤولية، بينما للأسف هناك مواكب أخرى تفتقر إلى الحد من الأمور الصحية".
معللا، "تجد العاملين يطبخون بأيديهم دون قفازات أو أنّ الطعام يُقدم مكشوفا تحت أشعة الشمس أو يعاد تسخين الطعام المبيت".