"إنها مياه مباركة" ... يعلق الحاج مرتضى وهو يملأ قنينة ماء من أحد المناهل الموجودة في صحن العتبة العباسية المقدسة.
مردّداً بصوت شجي منكسر، "السلام عليك يا ساقي العطاشى، تسقي الناس في حياتك وبعد استشهادك".
والحاج مرتضى ذو الستين عاماً يحرص في كل مرة يفد من مدينة العمارة مركز محافظة ميسان (جنوبي العراق) التي يقطنها، على ملء عدد من القناني الفارغة بالمياه التي توفرها العتبة في المناهل داخل الصحن.
معللاً، "لهذه المياه خصوصيتان، أولاهما إنها من قرب أبي الفضل العباس عليه السلام، والثانية إنها من مياه نهر الفرات وهو مبارك حسب كثير من الروايات التاريخية".
وبحسب الموروث الشعبي فقد اقترن اسم أبي الفضل عليه السلام بالماء، كونه استشهد قرب نهر الفرات في معركة الطف الخالدة، خلال محاولته جلب الماء إلى معسكر الإمام الحسين عليه السلام من النساء والأطفال، بعد أن أطبق الأعداء من أهل الشام حصاراً عليه، وكونه قد اكتسب لقب ساقي العطاشى.
ويلاحظ المئات من الزوار الوافدين على العتبة العباسية المقدسة حرصهم على شرب مياه المناهل المنتشرة في الصحن الشريف، إلى جانب ملء بعض قناني المياه التي بحوزتهم.
فتقول السيدة أم زهراء، "أؤدي مراسيم زيارة العتبتين المقدستين في كل خميس تقريباً، إلى جانب أيام الزيارات المخصوصة، وفي كل زيارة أؤديها أملأ قنينة أو اثنتين من هذه المياه"".
وتضيف، "أحرص أن يشرب جميع أفراد عائلتي من هذه المياه لطلب البركة والعافية والشفاء".
وكما يبدو فإن العتبة العباسية المقدسة تولي هذا الأمر اهتماماً خاصاً تلبية لرغبة وراحة الزائرين، إذ أسست شعبة تتولى مسؤولية نشر مناهل المياه داخل الصحن الشريف إلى جانب عشرات المنافذ التي توفر مياه الشرب على مدار الساعة، على جانب طرق المدينة القديمة.
فبحسب مسؤول شعبة السقاية السيد رياض عباس سالم فقد نشر عشرة منافذ داخل الصحن الشريف توفر مياه الشرب.
ويقول، "في كل منفذ من المنافذ العشرة هناك ثلاث إلى أربع حافظات كبيرة سعة مئة لتر لكل واحدة منها".
مبيناً، "زودت تلك المنافذ بأقداح ذات الاستعمال الواحد لضمان سلامة وصحة الزائرين".
مضيفاً، "تلك المنافذ توفر الماء على مدار الساعة وبشكل يومي بلا انقطاع".
لافتاً، "وفرت الشعبة ثلاث وجبات عمل لديمومة توفير الماء بشكل مستمر".
فضلاً عن ذلك نشرت شعبة السقاية عشرات المنافذ التي توفر مياه الشرب للزائرين والعابرين في جميع الطرق المحيطة والمؤدية إلى العتبة المقدسة، مخصصة 45 منتسباً لتلك المهمة.
وتستعين الشعبة بحسب مسؤولها بعشرات المتطوعين في الأيام التي تشهد زيادة في أعداد الزوار، خصوصاً خلال الزيارات المليونية التي تشهدها المدينة.
ويشير السيد سالم إلى أن "المياه التي توفرها الشعبة من خلال منافذها تكون باردة صيفاً معتدلة شتاء".
موضحاً، "خصصت العتبة المقدسة معملين لتوفير الثلج البلوري من الماء المنقى (RO) للشعبة، هما معمل ثلج الفرات ومعمل ثلج العلقمي".
التنقية والتعقيم
إلى ذلك يبين مسؤول الشعبة إن المياه التي تضخ من خلال المنافذ تخضع لعملية تصفية وتنقية دائمة ومستمرة، بالإضافة إلى تعقيم حافظات المياه المنصوبة في المنافذ.
قائلاً، "عملية السقاية تمر بعدة مراحل قبل أن تصل إلى متناول الزائرين".
موضحاً، "تدخل المياه بادئ الأمر في محطة البازي للتحلية والتعقيم، مع خلط مياه متبركة بملامسة القبر الشريف في سرداب الحرم الطاهر، ومن ثمة تنقل إلى أجهزة تبريد خاصة، قبل أن تصل إلى الحافظات المعقمة".
ويضيف، "تخضع تلك الحافظات إلى عمليات غسل وتنظيف وتعقيم ثلاث مرات أسبوعياً".
ويختتم، "نضمن بذلك وصول مياه نقية وصحية للزائرين الكرام".